Orland Park Prayer Center

The Prayer Center of Orland Park

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،،،

حُسن الخُلُق

     إن من أحسن الأعمال التي حثّ عليها الشرع ودعا إليها “حُسن الخُلُق”، وكم في الكتاب والسّنة من النصوص التي تُرغب فيه وذلك لما يترتب عليه من المنافع والمصالح العامة والخاصة، فمن أجلّ فوائده:

     أنه يُحبّب صاحبه للقريب والبعيد، ويجعل العدو صديقاً، والبعيد قريباً، وبه يتمكن الداعي إلى الله تعالى من دعوته، ويجمع الخلق إليه بقلوب راغبة، وقبول واستعداد، لوجود السبب وانتفاء المانع: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّوا۟ مِنْ حَوْلِكَ﴾[آل عمران:159].

     وهو بنفسه إحسان قد يزيد على الإحسان المالي قال ﷺ: «إِنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَسَعُهُمْ مِنْكُمْ بَسطُ الْوَجْهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ«. رواه الحاكم

     وبالخُلق الحسن وطمأنينة القلب وراحته يتمكن الإنسان من معرفة العلوم التي سعى لإدراكها والمعارف التي يفكر في تحصيلها. فعن السيدة عائشة أن النبي ﷺ قَالَ لَهَا: »إِنَّهُ مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَعْمُرَانِ الدِّيَارَ، وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَار»ِ. أخرجه الترمذي                                               

     وبه يتمكن المناظر والمخاصم من إبداء حُجته وفَهْم حجة صاحبه، ويسترشد بذلك إلى الصواب قولاً وعملاً، وكما أنه سبباً لهذين الأمرين في نفسه فهو من أقوى الدواعي لحصولهما لمن خاصمه أو ناظره، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال: « إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاه». رواه مسلم

     وبالخُلق الحسن يسلم العبد من مضار العجلة والطيش لرزانته وصبره ونظره لكل ما يمكن من الاحتمالات وتجنب ما يخشى ضرره.

     وبالخُلق الحسن يتمكن من الوفاء بالحقوق الواجبة والمستحبة على الأهل والأولاد والأقارب والأصحاب والجيران وسائر من بينه وبينهم مخالطة أو حق، فكم من حقوق ضاعت من جراء سوء الخُلق، وإن حسن الخُلق ليدعو إلى صفة الإنصاف؛ فإن صاحب الخُلق الحسن يكون في راحة حاضرة ونعيم عاجل، قلبه مطمئن ونَفْسُه ساكنة، أما سيء الخُلق فهو في شقاء حاضر وعذاب مستمر ونزاع ظاهري وباطني مع نفسه وأولاده ومخالطيه وبهذا ونحوه يتبين معنى قوله ﷺ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ«. رواه أبو داود

     قد يسأل سائل إذا كان حُسن الخُلق له من الفضائل والآثار الحسنة، فهل للإنصاف به أسباب يتمكن العبد من فعلها؟ أم هي مجرد موهبة؟

    أقول وبالله أستعين ما من صنعة حميدة ظاهرة أو باطنة إلا وقد يسّر الله لعبده حصولها، ودلّه على الطرق الموصلة إليها وأعان عليها بكل وسيلة، وكلما كَمُلَت الصفات كثرت الطرق المؤدية إليها، مع أن الغرائز والطبائع الأصلية أعظم عون عليها، وصاحبها إذا سعى أدنى سعي أدرك مراده. فعن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: «كنا جلوسًا عند النَّبيِّ ﷺ كأنما على رؤوسنا الطيرُ ما يتكلم منا مُتكلِّمٌ إذ جاءه أناسٌ فقالوا: من أَحَبُّ عبادِ اللهِ إلى اللهِ تعالى قال: أَحسنُهم خُلُقًا». أخرجه ابن ماجه

     إعلموا أن من أعظم ما يُعين على هذا الخُلق الجميل، علو الهمة، ورغبة الإنسان في مكارم الأخلاق، وأن يسأل نفسه هل يجلب له سوء الخُلق إلا الأسف الدائم والهمّ الملازم، والآثار القبيحة، فيربأ بنفسه عن هذا الخلق الذميم.

     وختاماً فإن حسن الخلق عنوان للفلاح وطريق لإيجاد مجتمع يسود فيه العدل والأمن والتعاون على صيانة الحياة من الفساد والمظالم، ومن كل ما يُشقيها ويرهقها، والسير بها إلى الأكمل والأفضل والأحسن.

     نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل مكارم الأخلاق، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

الشيخ مروان عبد الرحمن كصك

.

Sign up for our email list!

Sign up to get the monthly Insight E-News, Programs & Events Announcements, as well as Ramadan and Eid information delivered to your inbox.

Accessibility Toolbar