Orland Park Prayer Center

The Prayer Center of Orland Park

بوصلة المربي -5-

 

نكمل في سلسلة بوصلة المربي بعددها الخامس، حيث أننا بدأنا بأهمية التربية من ثم التعريف بالتربية، أركانها شروطها ومجالاتها، ومررنا بفنون التربية، معالمها، وسائلها ومراحلها، ومن ثم التركيز على الدرس أو اللقاء الاسبوعي، مع المعايشة التربوية، وتلاها مشاكل المحاضن التربوية وكيفية وطرق علاجها، اما في هذا المقال فسيتم التركيز على المربي بحد ذاته!

المربي هو أهم ركن من أركان التربية لأنه يبنى عليه كل شيء في التربية غالبا، فعمل المربي كله في الإنسان، ويهدف المربي إلى بناء هذا الإنسان وفق منهجية اسلامية، وهذا يتطلب فقها وعلما، والمقصود بالفقه هنا بمعناه العام. لتتكون لديه رؤية واضحة عن طبيعة عمله وهوية برامجه، وايضا تصور واضح عن قوة التربية في إصلاح المجتمعات وتهذيب النفوس وتعبيدها لله رب العالمين، وتقليل الفساد في الأرض.

 

فالمربي هو رجل صاحب وجدان متوقد، يصبح ويمسي على دعوته، يشعر بالخطر عليها إذا تراخى في القيام بواجباتها، دائم التفكر بها، تعرض له في كل شأن من حياته، وهو رجل يملك زمام وجدانه، فلا يجزع عند حلول المحن فيتوارى عن الصف، ولا تخور قواه عند سقوط الرايات فيفضّل الانسحاب.

 

هو صاحب الهدف الذي يسري في أعماقه وروحه، همّه وجدّه متوجه لهذا الدين، صاحب العبادة الحقة لله سبحانه وتعالى ظاهرا وباطنا، الجاد في طلبه للعلم، القادر على كبح جماح نفسه، هو الرجل الشجاع غير الهياب ولا الوجل، واذا اردنا اختصار سماته فيمكننا أن نقول: الرجل العامل المنتج بالقدر اللائق به. ولا بد من أن يتميز ببعض الصفات والسمات، كالصيانة، الصبر، الرحمة، الرفق، واللين والتيسير وأن يكون محبوبا ومهابا، وان يتمتع بالقيادة والحكمة. ومن أهم أسباب تأثير المربي، اخلاصه في عمله، تضحياته، جديته، سلامة صدره وصدقه.

 

المربي هو المسؤول بالدرجة الأولى عن تثقيف نفسه وتعليمها، وليست الادارة التربوية، ويقع اللوم في الجهل على ذات المربي لأنه هو المسؤول عن ذاته وليس الآخرون، ويبقى على الادارة التربوية أن تسهم في بناء المنهجيات المعرفية – على الأقل- لدى المربين، فما يحتاجه المربي هو التمثل العملي للصفات التي ينبغي أن يكون عليها، وأن يكون هناك تكوين لأمرين، الأول خطورة ثغر المربي، الثاني كثرة التحديات وعمقها. وهذا التكوين هو وفق احتياجات المربي في العملية التربوية أو في تأدية دوره بشكل كامل (كمنهجية معرفية).

 

 

فتنقسم الاحتياجات إلى قسمين:

 

أولاً، إحتياجات معرفية: وتتكون من أربعة جوانب أساسية:

  1. الجانب الشرعي

مواطن احتياج الجانب الشرعي تكمن في، سؤال المربي، في العبادات اليومية والموسمية، في النشاطات والتفاعليات والمسابقات، في التدريس، فقه بناء المسلم، فقه التسيير العام.

اما مكونات هذا الجانب:

  • التأصيل الشرعي: علوم القرآن، العقيدة، الفقه وأصول الفقه، والحديث واللغة العربية.

وهذه العلوم لها خمسة مراحل: التأصيل، البناء، التمكين، التخصص، الموسوعية.

  • دراسة السيرة النبوية والفقه فيها
  • المكون السلوكي التزكوي المعرفي.

والمقصود هنا القراءة المعرفية في جوانب وأعمال القلوب وجوانب النفس وتهذيبها وتزكيتها، وجوانب الأخلاق والسلوك. من الكتب المقترحة: كتب ابن القيم، كتاب فقه النفس ليحيى اليحيى، كتاب هذه أخلاقنا.

 

  1. الجانب الفكري

مواطن احتياج الجانب الفكري: تعزيز اليقين وتثبيت الثوابت، البصيرة في التحديات الفكرية المستجدة، تخريج نماذج من الطلاب متمكنين فكريا.

أما مكونات الاحتياج في هذا الجانب:

  • دلائل اصول الاسلام
  • مصادر التلقي وتثبيتها وعلاقتها بأصول الشريعة
  • دراسة مجموعة من المواد المركزية المتصلة بأبرز الاتجاهات الفكرية وتأثيرها على الشاب المسلم.

 

  1. الجانب الثقافي الإسلامي

مواطن الاحتياج في هذا الجانب: التدريس، المجالس الغير رسمية، الاجابة عن الاسئلة.

أما مكونات الاحتياج في هذا الجانب:

  • مكون التاريخ الإسلامي.
  • مكون الشخصيات والاعلام.
  • التاريخ الحديث وتأثيراته في الواقع.

 

  1. الجانب التربوي

مكونات الاحتياج في هذا الجانب:

فهم الإنسان والمؤثرات في تشكيله، فهم الجيل الصاعد ومشكلاته وتحدياته، ومستجدات الإشكالات التي تحيط به، التربية النبوية، الأساليب التربوية، قضايا تربوية.

 

 

ثانياً، إحتياجات الأداء:

  1. جانب المهارات

فن التواصل، فن الالقاء، فن الاقناع، حل المشكلات، فن الحوار، إدارة الوقت، قواعد التفكير السليم، صياغة الأهداف، غرس القيم، تحليل أنماط الشخصية، مهارات القراءة، البحث العلمي، ادارة الضغوط، مهارات الاستثمار وتوجيه الطاقات، مهارات إدارية، مهارات التخطيط، إعداد القادة، ضبط الانفعالات، اتخاذ القرار، الاستراتيجية الشخصية (اي هندسة النجاح).

  1. جانب المنهجي

التفكير، التعليم، الجواب عن السؤال، البناء، الإصلاح، المراحل العمرية والبرامج.

  1. جانب الخبرة

وانت تمارس العملية التربوية مارسها وانت تقصد اكتساب الخبرة، سجل الملاحظات على نفسك، وفي السياق التربوي، صاحب اصحاب الخبرة.

 

 

ختاماً، عناية المربي بكل ما ذكر يجعله من القادة والمربين الربّانيين والذي يقتدى بهم، بل إن القدوة لا تُصنع ولا تُتكلف ولا يُسعى إليها، إنما هي نتيجة طبيعية للمجهود الذي يقوم به المربي (المقتدي به) في سبيل إصلاح نفسه وسيره إلى الله تعالى. فالمطلوب من المربي أن يكون صالحا مصلحاً، وليس المطلوب منه أن يكون قدوة، فإذا أصلح المربي نفسه فلا محالة أن الآخرين سيقتدون به، شاء أم أبى.

 

أحمد المصطفى

.

Sign up for our email list!

Sign up to get the monthly Insight E-News, Programs & Events Announcements, as well as Ramadan and Eid information delivered to your inbox.

Accessibility Toolbar