The Prayer Center of Orland Park

روح العيد


الحمد لله رب السماوات ورب الأرض رب العالمين. وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم.

الحمد لله وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى صراط مستقيم.

خلق ابن آدم في أحسن تقويم ثم كرّمه وفضّله على كثير ممن خلق تفضيلا.

إنّ من رحمة الله بعباده أن كتب عليهم فروضاً وأوجب عليهم أموراً ثم أثابهم عليها، فهو الذي لا يُضيع أجر من أحسن عملا. وحين كتب على عباده الصيام، مهّد أمامهم الطريق لتحقيق التقوى فصفّد الشياطين. ثم جعل الثواب بلا قواعد أو حدود ونوّعه فجعل منه الفوري المقسّم ما بين الرحمة والمغفرة والعتق من النار. وجزاء المحسن على قدر إحسانه، فكيف إذا كان الإحسان مع أعظم محسن وأجود معطي وأجلِّ كريم! الصوم له وهو الذي يجزي به، وكفى به من جزاء.

يأتي يوم العيد ليكون واحداً من أشكال الجزاء الحسن الذي كتبه الله على عباده المؤمنين إذْ جعلهم خير أمة أخرجت للناس. أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. أمّة لا فضل فيها لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، ويتّقي الواحد منها النار بشق تمرة. إن هذه أمّتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون. حال الواحد فيها من حال الكل: جسد واحد، بنيان مرصوص، الأخ يشدّ عضد أخيه، شعوب وقبائل متنوعة لكنها متعارفة، يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، المحبة بينهم في إفشاء السلام…

يبرهن المسلمون في هذا اليوم ومن كل بقاع الأرض وعلى مَرِّ الأزمنة أنهم خير الأمم. يفرح بهم الله فتفرح الملائكة بفرح ربها، ويبهتج قلب رسول الله فتبتهج الأكوان بابتهاج سيّدها…

يخرج المسلمون صبيحة العيد بقلوبهم النيّرة ونفوسهم الزكية ليلبّوا نداء الله وأصوات التكبير تعلو وتصدح بأن الله أكبر من كل ظالم وطاغية ومتكبر وعنيد وجبار. هو تجديد للعهد الذي خلقوا من أجله وبسببه، وتمسك بالمبادئ التي ستبقى تميمة النور مهما أرادوا أن يطفئوها.

الأمة كلها على قلب رجل واحد، فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه بخذلانه والاستغناء والتخلي عنه، شجرة واحدة أصلها ثابت وفرعها في السماء وستؤتي أُكُلها ذات حينٍ بإذن ربّها. هَمُّ المسلم في مشرق الأرض هو نفسه عند المسلم في مغربها.

وإنّ من الأعمال التي تبعث في النفس الطمأنينة يوم العيد هو تلاقي الناس وتعانقهم… ترى الأخ يربت على كتف أخيه، وكأنّه بحركته هذه يخفّف عنه ما نزل به من أوجاع وآلام. والكبير يمسح على رأس الصغير، ولسان حاله يقول: كلّنا أطفال في العيد. الشاب يقبّل يد العجوز فكلّ يوم أنال فيه رضاه هو يوم عيد. الأم تداعب أولادها، إنها تراهم طائفة قليلة تقهر بها عدوّها. وإن هذه المشاهد كلها لصورة مصغّرة عن يوم العيد الأكبر…

يتكاتف الناس يوم العيد ويتعاضدون، يتشاركون في رسم البسمة على الشفاه ونشر الفرح في الصدور. يُخْرِج الواحد منهم ما في جيبه إلى جيب غيره بعد أن يتبرّك ويتبارك هذا المال بالنزول في كف ربّهم. المال مال الله. تخلّى الأغنياء عن الأموال من أجل أن يمعنوا الفقراء من السؤال في هذا اليوم، هي أوامر الله، والعباد تقول “لبّيك اللهم لبّيك”. الكل متساووون في الاكتفاء، فلا عوز.

تتباهى الملائكة بعباد الله في مشهد الاجتماع في صلاة العيد. تعلو التكبيرات وتصدح الحناجر ويصطف المصلّون  للصلاة, وكأن النصر قد لاح. ثم ماذا؟ القلوب تلاقي القلوب، الأعناق تلامس الأعناق, والابتسامات تعلو الأفواه، كأنه يوم فتح وتحرير وانتصار. يباركون ويعايدون: كل فتح وانتصار وأنتم بخير، كل عام وأنتم بخير.

لله درُّ المستمسكين بحبل من الله وشريعته. المتعاضدون المتحابّون المتآخون. تتآلف قلوبهم على حب الله، وتتشابك سواعدهم في خدمة دينه، وتتلاقى أرواحهم بِأُنسِها وصفائها خالصةً لله…

بلال شرف الدين

.

Sign up for our email list!

Sign up to get the monthly Insight E-News, Programs & Events Announcements, as well as Ramadan and Eid information delivered to your inbox.

Accessibility Toolbar