Orland Park Prayer Center

The Prayer Center of Orland Park

الحق والباطل

   خلق الله تعالى الحياة لعبادته، ولتدور المعركة بين عبّاده وأوليائه من جهة، وبين الشياطين من بني إبليس من جهة. فهي معركة قدّرها الله لتكون منذ بداية الحياة ولا تنتهي إلا بنهايتها. وما نراه اليوم من صولة للباطل وما يتعرض له المسلمون من محن وشدائد واستضعاف وصد عن سبيل الله قد أفرز عند البعض شعورا باليأس من ظهور الحق وانتصاره.

وفي هذا، يخلط كثير من الناس في فهمهم لحقيقة الانتصار في معركة الحق مع الباطل؛ حيث يحصرونه في الانتصار الحسي في ميادين القتال والتمكن من بلاد الخصم ومقدراته، وينسون جانبا مهما في انتصار الحق على الباطل وأهله؛ وذلك بعلو حجة أهل الحق وتهافت حجج أهل الباطل، وبثبات أهل الحق على دينهم وعدم التزعزع عن مبادئهم أيام النوازل الشداد.

فثبات أهل الحق على دينهم وعدم التنازل عن شيء منه هو في الحقيقة انتصار عظيم ولو كانوا في غياهب السجون ولو قتلوا وشردوا. وأكبر مثال على ذلك ما قصه الله عز وجل علينا في كتابه الكريم عن أصحاب الأخدود الذين استعلوا على حب الدنيا وآثروا مرضاة الله عز وجل وثبتوا على دينهم وصبروا على الحريق الذي مزق أجسادهم وهم ثابتون فهذا والله هو الانتصار الحقيقي والذي يبلغ ذروته يوم القيامة حينما يوفَوْن أجورهم على ثباتهم بجنات لهم فيها نعيم مقيم قال الله عز وجل عنهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ﴾ [البروج: 11]، فأي فوز وأي نصر أكبر من هذا.

أما الباطل، فلقد حقت كلمة الله عز وجل على أن الباطل زاهق وذاهب، وانه إلى جفاء، وأن البقاء والمكث الذي ينفع الناس إنما هو للحق قال تعالى: ﴿أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾ [الرعد: 17]، وقد أكد الله عز وجل هذا المعنى في أكثر من موطن في كتابه العزيز فقال سبحانه: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء: 81] وقال تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: 18]، وقال عز وجل: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ [سبأ: 48].

يقول الشيخ الغزالي رحمه الله: “إذا احتدمت المعركة بين الحق والباطل حتى بلغت ذروتها، فهناك ساعة حرجة يبلغ الباطل فيها ذروة قوته، ويبلغ الحق فيها أقصى محنته، والثبات في هذه الساعة الشديدة هو نقطة التحول، والامتحان الحاسم لإيمان المؤمنين سيبدأ عندها، فإذا ثبت تحول كل شيء عندها لمصلحته، وهنا يبدأ الحق طريقه صاعدًا، ويبدأ الباطل طريقه نازلًا، وتقرر باسم الله النهاية المرتقبة”.

فإذا أردت أن تعرف أنك صادق في مواقفك، موقن في إيمانك، راسخ في يقينك، إيجابي في توجهك، واثق بنصر الله. فهل ما تسمعه وتشاهده من أحداث وأخبار يزيدك إيمانا بالله تعالى وثقة بنصره … أم يصيبك باليأس والإحباط!

أحمد المصطفى

.

Sign up for our email list!

Sign up to get the monthly Insight E-News, Programs & Events Announcements, as well as Ramadan and Eid information delivered to your inbox.

Accessibility Toolbar