Orland Park Prayer Center

The Prayer Center of Orland Park

إلى فتيان المسلمين

لما كان الشباب عماد هذه الأمة، ووقود نهضتها، وحماة عزتها وكرامتها، كان لزاماً علينا أن نوليهم الاهتمام والرعاية، والتربية والعناية؛ فإذا ما طاب الغرس، طاب الثمر. وهذا واجب الآباء والمربين، والدعاة إلى الله في كل مكان وحين. ولعل أهم عمر لدى هؤلاء الشباب هو عمر التأسيس، الذي يبدأ فيه الطفل بإدراك ما حوله، ويعكسه أفعالاً وتجارب في واقعه، ولعل لفظة “الفتوة” أو “اليفَاعة” كما يحلو للبعض استعمالها، تعكس صورة عما نقصده، فلا نقصد الطفل غير المميز، ولا نقصد الشاب الذي شب عن الطوق واستحكم أمر حياته، بل نتحدث عما بينهما، وهو العمر الذي يتقبل فيه النشء النصح غالباً، بل ويقدرونه جيداً، إذا ما روعي الأسلوب الحكيم في ذلك.

في مقالي هذا، أوجه النصح والإرشاد لهؤلاء الفتيان، الذين هم أمل الأمة، ومعول البناء فيها، الذين هم مستقبلها المشرق، ونجاحها المورق بإذن الله. وإنني في الوقت ذاته، أشارك الآباء والمربين هذه النصائح، لعلهم يشاطرونني مهمة إيصالها للأبناء والبنات، لعل النفع يحصل إن شاء الله.

الوصية الأولى: صلاتكم صلاتكم، وصية نبيكم ﷺ.

هي آخر ما وصى به النبي ‎ﷺ، صلاتكم هي مفتاح نجاحكم في الدنيا والآخرة، وكلما صليتم صغاراً كلما حفظكم الله كباراً، الصلاة مفتاح النجاح، تعلموها في سن السابعة وتدربوا عليها، ومع العاشرة لا تقطعوها مهما كان الثمن، صلاتكم هي ميزان حياتكم، إن قصرتم اختل الميزان، وهي ميزان آخرتكم؛ فإن صلحت صلح كل عملكم.

الوصية الثانية: تعلموا القرآن الكريم.

القرآن هو الكتاب الذي اختتم الله به الكتب السماوية، وكما تميز محمد ﷺ بأنه سيد الخلق، فإن القرآن الكريم سيد الكتب، أنزله الله على خير الأمم. أنتم أيها الفتيان أبناء هذه الأمة، فافتخروا بكتاب ربكم، وخذوه بقوة، تعلموه واقرأوه، واحفظوه وطبقوه، ولأن الله تعهد بحفظه: “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” (الحجر: ٩)، فإن كل من اتخذ القرآن صاحباً محفوظ كذلك بأمر الله، ابدأوا به نهاركم، اختموا به ليلكم، وناموا بملء أعينكم بعد تلاوته، يطرد عنكم الشياطين، ويغمر حياتكم بالأمن في كل حين.

الوصية الثالثة: بُروا والديكم.

بر الوالدين أساس رضى الله ومفتاح النجاح، بل هما بابان من أبواب الجنة، وتوعد رسول الله ﷺ من خالف أمرهما وعقَّهما بالخسران! في القرآن الكريم جاء الأمر ببرهما بعد توحيد الله، لتعلموا أيها الفتيان كم أن الوالدين عزيزان على الله. كونوا لطفاء مع إخوانكم الأكبر سناً أيضاً، فهذا من بر الوالدين كذلك، الأخ الأكبر بمقام الوالد، والأخت الكبرى بمقام الوالدة.

الوصية الرابعة: لغتكم العربية.

شرَّف الله اللغة العربية يوم أن أنزل القرآن الكريم بها، وجعلها وعاءً لكلامه، لذلك لا تتقاعسوا عن تعلم العربية وإثراء حياتكم بها، تحتاجونها لإتمام شعائر الدين، ولفهم سائر علومه، بدءاً بعلوم القرآن والحديث الشريف إلى غير ذلك من العلوم الأخرى. العربية هوية كل مسلم وإن تحدثوا بغيرها، ويكفيكم فخراً أن تتعلموها لأنها لغة الحبيب ﷺ.

الوصية الخامسة: أبطالكم الخارقون.

يتعلق الكثير منكم بأبطال خارقين يتابعونهم على التلفاز، وهذا قد يكون مقبولاً إذا روعيت الضوابط والتُزمت الحدود، ولا ينبغي أن ننجر وراء هؤلاء الخارقين كما يدعون، وهم ليسوا كذلك. الأبطال الخارقون الحق في ديننا هم الأنبياء والمرسلون الذين أيدهم الله بالمعجزات الخارقة والدلائل البينة، تعرفوا على أنبياء الله ومعجزاتهم؛ كموسى الذي شق البحر بعصاه، وعيسى الذي أعاد الأموات إلى الحياة، ومحمد ﷺ الذي نبع الماء من يديه… وإن كان من أبطال خارقين ما يزالون على قيد الحياة؛ فهم آباؤنا وأمهاتنا، في جهودهم الكبيرة، وتضحياتهم الكثيرة، من أجل راحتنا ونجاحنا.

الوصية السادسة: قدواتكم الحسنة.

لا شك أن قدوتكم الأولى رسول الله ﷺ، أو هكذا يجب أن يكون، لكن ربما أحب البعض منكم العديد من المؤثرين في وسائل التواصل، أو اللاعبين في ملاعب الرياضة، ولم يكتف البعض بالحب والإعجاب، بل تحولوا إلى متابعتهم في كامل تفاصيل حياتهم، وتقليدهم في كل تصرفاتهم، كانت حسنة أم قبيحة! وهذا لا ينبغي لفتيان المسلمين، القدوات الحقيقيون لنا هم صحابة رسول الله ﷺ ومن تبعهم من الصالحين، قصصهم ملهمة، وتميزهم لا يخطئه ذو بصيرة. قد نُعجب باللاعب فلان والمؤثر فلان، لكن لا يأخذنا هذا الإعجاب إلى أبعد من ذلك، فنجعل حياتهم محور حياتنا. لا بد لنا من وقفة لتحديد قدواتنا الذين يأخذون بيدنا للنجاح في الدنيا والآخرة.

الوصية السابعة: إدارة أوقاتكم.

قيمة حياتنا تكون بالقيمة التي نضيفها إلى أوقاتنا، لذلك الحياة ليست فقط للعب والمرح، لذلك لا بد لكم يا فتيان المسلمين من جدولة حياتكم بطريقة مثلى، لتفيدوا من المجتمع حولكم ويستفيد المجتمع من وجودكم كذلك، وطاقاتكم الوقادة، وأفكاركم الولادة. الأمة بحاجة لكم، فلا تقبعوا خلف الجدران متسمرين على الشاشات ساعات طوال بما لا يعود بالنفع عليكم ولا على مجتمعاتكم. 

الوصية الثامنة: إدارة نجاحكم.

ادرسوا وانجحوا وخططوا للتميز، وكونوا طلاباً مميزين في مدارسكم لأن المسلم متميز في كل شؤونه وأحواله، ونجاحكم في مدارسكم متعلق بنجاحكم في مستقبلكم العلمي والعملي. الدراسة حاجة ماسة لا تتنازلوا عنها مهما كانت الأسباب، ومهما تعالت الأصوات الداعية إلى ذلك. واجعلوا من وجودكم في مدارسكم فرصة للدعوة إلى الله، وكونوا سفراء محبة لغيركم من المسلمين وغير المسلمين، وهذا نجاح آخر يضاف إلى نجاحكم العلمي كذلك.

الوصية التاسعة: المساجد بيتكم الثاني.

تعالوا إلى المسجد واجعلوه بيتكم الثاني، وادفعوا آباءكم لإحضاركم لصلاة الجماعة. الشاب الذي يكبر في بيت الله يبني علاقة فعالة نافعة مع المجتمع المسلم، ويكفيك من كل هذا أن تكون تحت ظل عرش الرحمن كما أخبرنا ﷺ في أن من هؤلاء رجل قلبه معلق بالمساجد. وهو بمثابة بيتكم الثاني لأن عمّاره إخوانكم وأخواتكم، معهم تجتمعون على مائدة القرآن، وتتعلمون حديث رسول الله ﷺ. والمساجد محاضن تربوية مؤثرة، فيها تُبنى العلاقات الخيِّرة، التي لا مصلحة فيها سوى رضى الله واتباع سنة رسول الله ﷺ.

الوصية العاشرة: تعلموا حكمة الكبار.

لا شك أن جميعنا يشعر بالامتنان لوجوده ضمن عائلة كبيرة، يحبها وتحبه، ويهتم لها وتهتم له، ويسعى لمصلحتها وتسعى لمصلحته… كبار هذه العائلة تاج على رؤوسنا، نقضي معهم الوقت المثمر، ونتلمس من حكمتهم وخبرتهم في الحياة، واجبنا تجاههم الحب والتقدير، ولا شك أنهم يأنسون بنا عند مخالطتهم، عند قضاء حوائجهم، عند السعي على راحتهم. لا تفوتنكم فرصة الجلوس إليهم، والاستماع إلى وصاياهم ونصائحهم؛ فهي ممزوجة بالعبرة والخبرة، وهذا صيدكم الثمين لمستقبل باهر مشرق.

هذه وصايا عشر لفتيان المسلمين والمسلمات، أضعها بين أيديهم، من قلبي إلى قلوبهم. كما أضعها بين يدي المربين والمربيات، ليفيدوا منها وينقلوها للجيل الذي نصبوا إليه؛ جيل العمل والأمل، جيل التغيير والتطوير، جيل صلاح الدين والدنيا، الجيل الذي يحبه الله ورسوله ﷺ.

وكتبه الشيخ جعفر حوى

.

Sign up for our email list!

Sign up to get the monthly Insight E-News, Programs & Events Announcements, as well as Ramadan and Eid information delivered to your inbox.

Accessibility Toolbar