Orland Park Prayer Center

The Prayer Center of Orland Park

الْزَمْ حَبْلَ الله

للمرء هبَّة وفترة، هبَّة ينشط فيه على طاعة الله، وفترة يكسل فيها ويتقاعس، وهذا الحال معروف لدى عباد الله الذين دأبهم التقصير، وإن سلم منه أحد يسلم منه الأنبياء والمرسلون الذين عصمهم الله فقط، ولا غرو أن تجد سيدنا على بن طالب رضي الله عنه، يقول واصفاً حال الهبَّة والنشاط، يقول:

إِذا هَبَّت رِياحُكَ فَاِغتَنِمها            فَعُقبى كُلّ خافِقَةٍ سُكونُ

وَلا تَغفَل عَنِ الإِحسانِ فيها          فَما تَدري السُكونُ مَتى يَكونُ

وَإِن دَرَّت نِياقُكَ فَاِحتَلِبها            فَما تَدري الفَصيلُ لِمَن يَكونُ

إِذا ظَفِرَت يَداكَ فَلا تَقصِّر           فَإِنَّ الدَهرَ عادَتَهُ يَخونُ

فالمهم أنك إن وجدت من نفسك همة أن تبادر لا تتأخر، وإن كسلت فالزم بعض الأعمال مما لا استغناء عنه ولا عدول، كذلك الرجل الذي جاء رسولنا الكريم ﷺ قائلاً: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ، قَالَ: “‏لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ”‏ (جامع الترمذي)، صرفه رسول الله ﷺ إلى ذكر الله، وهذا أقصر طريق يصل به المرء إلى ربه تعالى، وينال به الفضل والقبول. وهذا من الأعمال التي ينبغي التواصي بها وعدم الاستغناء عنها، وكثيراً ما يسأل الناس بعد رمضان، ماذا بعد؟ الذكر، الزم ذكر الله على أقل تقدير، وقد نشطت في سائر رمضان في شتى أنواع العبادات والطاعات، مما قد لا تقدر على المحافظة عليه بعد رمضان، وهذا معلوم، لأن رمضان موسم له بداية وله نهاية، لكن بالمجمل لا استقالة عن عبادة الله، ولو قلَّ زادك من الطاعات بعد رمضان فلا ينبغي أن تتراجع الصلة بالله، بل ينبغي الثبات على هذا الطريق، ولو بزاد قليل يعينك على الوصول إن شاء الله.

قد يظن المرء أحياناً أنه قدم كثيراً، ويحمد نفسه على ما وفقه الله إليه من الطاعات، ظاناً أن هذا وحده كافٍ لينال رضى الله ورحمته، لكن أنَّى هذا؟! وقد أخبر النبي ﷺ في الحديث: ‏”‏لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ‏”‏‏، قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ‏”‏وَلاَ أَنَا، إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَىْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ‏، وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا‏”‏‏ (صحيح البخاري)، وفي هذا الحديث وصية ثمينة من رسول الله ﷺ كذلك؛ في ألا يغتر أحد منا بعمله الذي قدمه، بل يرجو القبول، ثم أن يستمر في صالح عمله مع الاقتصاد فيه، أي لا يُكثر على نفسه فيمل، وينصرف عنه بعد ذلك، ويؤكد ذلك الحديث الذي ترويه أمنا عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ، أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: ‏”‏أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ‏”‏‏، وَقَالَ: ‏”‏اكْلَفُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ‏” (صحيح البخاري)‏‏.‏

لذلك حريٌّ بنا وقد دخل علينا شهر شوال المبارك، بعد قفزة إيمانية راقية، في شهر رمضان المبارك، أن نلتزم حبل الله، ولا نكسل في درب الطاعة، بل أن نقتفي خطى الحبيب ﷺ في القصد في العمل وتكليف النفس ما تطيقه، وإن قلَّ في أعيينا، لكنه مع الإخلاص والالتزام عند الله كثير.

الشيخ جعفر حوى

.

Sign up for our email list!

Sign up to get the monthly Insight E-News, Programs & Events Announcements, as well as Ramadan and Eid information delivered to your inbox.

Accessibility Toolbar